Saturday 4 December 2010

شيمـاء... أميرة الحسين

                                              

وحدي في الحسين صليت ركعتين تحية للمسجد مع القليل ممن لم يجد طبق فتة موزات تؤويه إلى ركن منزل في القاهرة ظهر أول أيام عيد الأضحى. أكملت بعد ذلك سيري في خان الخليلي ترافقني دعوات بطولة العمر وأن يحفظ الله الأرض ومن عليها من أصدقاء النظر في حوانيت الخان!

 الممرات تزدحم بأفواج من البشر مختلفي الأشكال والألوان والأحوال والأهوال، وبالرغم من ذلك الضجيج، أسمع و من على بعد خمسـة أمتار من يقصـدني فيقول : مساء الفل. يا ست الكل.يا زينة الخان يا بتاعة الفيس بوك ... !
التفت باتجاه التحايا ، لتؤنس أعماقي ابتسامة من القلب للشاب الذي صورت بالأمس محله واستأذنته بنشر الصورة على صفحتي في الفيس بوك، كان يتحتم علي استئذانه بعد ظهوره القسري في الصورة!
 ممتنة له على سعادته الغامرة برؤيتي مجدداً، ربّتُّ رأسي بضع مرات ... !

مروراً بالفيشاوي ... ومشربيات الخان ...وشارع الصاغة ، وتحت نظر عين حورس وبرفقة جعران ... مشيت كثيراً حتى استقرت بي قدماي المتعبتان على دكه في مقهى ليالي الحسين تحيط بي كل الهدايا التي اشتريت ، وفي مقدمتها ،طبلة عبدالعزيز أخي!
طلبت عصير المانجا وبادلت الشيخ التسعيني الأبكم الذي اعتدت رؤيته متجولاً في الحسين يحيي هذا وذاك بصياح محبب لقلوبهم جميعاً ويخرج بطاقة هويته ليعرّف السياح العرب -من سمحي الوجوه فقط - بنفسه، بادلته ابتسامته لي بعشرين جنية علها تعينه على من عرفت لاحقاً إنهن زوجاته الثلاث!

في قمة استمتاعي بأجواء العيد البسيطة المحيطة بي، جاءتني الجميلة ذات السبع سنوات والعينان العميقتان  يماشي لونهما خمارها البني تبيعني أساور من فضة لا يتعدى ثمنها الخمسة جنيهات ...
... لم تستجدي ... فقط قالت: تشتري مني يا ست ؟
 قلت : نعم ..اشتري منكِ.. ولكِ اشتري  ....   سألتها : كيف العيد .
 فقالت : أنا لم أعيد اليوم ، ربما في الغد أعيّد.
سألتها عن اسمها ...
 قالت: شيماء...
 فقلت : الله الله الله يا شيماء !

أجلستها بقربي.  وتحدثنا عن أجواء العيد وعن التجارة ،سألتها من أين تجيء بالأساور لتبيعها .وشرحت لي أن مكسبها في كل أسورة جنيهين . ,وتعطي "الوليّة" صاحبة البضاعة ثلاثة جنيهات. أكلت شيماء الفراخ وأكلتُ البطاطا ... وكدنا عواذلها من الباعة المتجولين بأغاني غنتها لي على إيقاع طبلة عبدالعزيز!
لاحظت أن أهل الحسين من باعة وجرسونات حولي يراقبون شيماء ، بعيون حريصة عليها. كان  الكل يعرفها ويعرف أمها وأخواتها. وقد أرادوا جميعاً أن أكون مدركة بإدراكهم!  حرصاً على شيماء أميرة الحسين. تلك التي صنعت لذاكرتي عيداً جميلاً سيذكرني دوما بها.

لم يتقن أحداً فن الحياة و أبدع في خلق السعادة والجمال من  قبح الفقر والحاجة أكثر من أهل الحسين البسطاء.

بركاتك يا الله علينا من بعض ما أفضت به على قلوب أهل الحسين.

منـال