Thursday 11 October 2012

الهاجس الأوْلى


يقف الشرطي على عتبة باب منزل ليندا ليخبرها أن زوجها جيم قُتل في حادث سيارة ، فتساعدها والدتها في تخطي هذا اليوم الحزين ورعاية ابنتيها. وفي اليوم التالي المقرر لتحضير الجنازة ، تستيقظ ليندا لتجد زوجها حيا يرزق ! وتستوعب مع توالي الأحداث أنها تعيش بعقلها اسبوعا تقدمت أيامه يوما بعد يوم بين أيامها الحقيقية. أي أن عقلها يسترق النظر إلى المستقبل لحثها على تدارك المصيبة المقرر حدوثها يوم الأربعاء،  وهي وفاة زوجها جيم.
تبذل ليندا مجهودا في ترتيب الزمن لعلها تستطيع فعلا انقاذ حياة زوجها ! ومع تقدم الأيام في عقل ليندا، يرتفع الستار تدريجيا أمام عينيها ليكشف عن مستقبل لم تظهر أحداثه بعد في الواقع. لتظهر في أحد فصوله تفاصيل خيانة زوجها جيم لها وعلاقته مع سكرتيرته الشقراء. فتدخل ليندا بذلك في دوامة من الأسئلة الملحة : هل يستحق جيم انقاذه من الموت قبل يوم الأربعاء؟ هل تستحق حياتنا الزوجية الباردة والمملة كل هذه المحاولات؟ كيف ستكون حياتنا أنا وبناتي من غيره؟ ماذا لو تركته يموت!؟. هذا باختصار ما تدور حوله قصة فيلم من انتاج 2007 ، بعنوان “الهاجس” ومن بطولة ساندرا بولوك.

كم مرة وضعتنا الحياة أمام مفترق طرق يجبرنا على الخروج برؤوسنا من حيّز الراحة الذي نتقوقع في نطاقه مستسلمين غالبا لانكساراتنا وخيباتنا ؟ ليست كل الطرق بحدة ووضوح الجرف الذي وجدت ليندا نفسها على أطرافه.. غير أن جميع الخيارات خارج حيز الاستسلام للإحباط تستحق منا مجازفة الخروج إليها، ومحاولة تغيير واقع تعيس تعودنا عليه و تعود علينا حد الراحة !
ليندا لم تستسلم لحقيقة خيانة جيم لها، ولا لواقع بؤس حياتهما الزوجية، وفضلت المحاربة لأجل ما هو أهم.. وبعد صراع مع كبريائها ، قررت أن تبذل المستحيل لإنقاذ حياة جيم ، ورفع زواجها إلى رف أولوياتها، بمنحه مساحة ولو صغيرة في الحياة تمارس فيها عملية إنعاشه، بعد أن كانت قد استسلمت لإحباط غياب الحب والإخلاص عن زواجها.
تحديد الأولويات أصعب بكثير من ترتيبها. والضياع الذي قد نشعر به في حياتنا يكون في الغالب نتيجة لالتباس أولوياتنا علينا، واستنزاف طاقاتنا على أمور لا تبعث في نفوسنا الكثير من السعادة ! كل ما نحبه يستحق المجازفة بإرباك الأرض من تحتنا ، ومحاولة الوصول به من السكون والاستسلام القاتل إلى منطقة آمنة، شرط أن تعدنا تلك المناطق الجذابة بالسعادة.

نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 29 سبتمبر 2012

Tuesday 11 September 2012

ما بين الرأي ووجهة النظر



يتشكل الرأي وفقًا للحقائق التي تعرض على الشخص، وتختلف آراء الناس تجاه حقائق مؤكدة باختلاف فهمهم ورؤيتهم لها. بينما ترتبط وجهة النظر حتما بعلاقة الشخص العقلية أو البدنية مع كائن أو حدث دون أن يستدعي ذلك توفر أي حقائق كبرى على امتداد مساحة وجهة النظر.
يرى أبو خالد في “الدكة” أمام منزله فرصة جيدة لتقوية علاقات أهل الحي الذين يفتقدون مكانًا يجمعهم بعد التاسعة مساء، بينما تكره أم خالد وجود “الدكة” لأنها من وجهة نظرها تشوه شكل المنزل من الخارج والحقيقة أن تعديلا بسيطا لقماشها قد يغير ذلك ، ولكنه لا يغير حقيقة أثر وجود الدكة في تغيب ابو خالد الطويل عن المنزل ! ولو أعلنت أم خالد رأيها بدلًا من وجهة نظرها ، لظهرت على السطح حلول عديدة للمشكلة الحقيقة. ولكنها لم تفعل بل وتعمدت تشتيت الانتباه عن السبب الرئيسي في عدم تقبلها للدكة بقولها: إنّ للجيران ألسنة ينطقون بها، وللجدران آذانُ ! وبهذا فإن أم خالد –هداها الله- أعلنت الحرب على كل “دكات” الحي ، في موقف متطرف وغير عقلاني !
المتأمل لقصة (أم خالد)! يدرك حقيقة حجم المشاكل والصدامات التي قد تصل إلى التحريض من وراء عدم البوح برأي صريح مبني على حقائق ، يثريه الاختلاف ، ولا يفرغه الاجماع عليه من العدل والإنصاف.
أما فيما يتعلق بوجهات النظر ، فإن قدرة الشخص على استيعاب “وجهات نظر” متضاربة حول موضوع واحد هو من أمارات ذكائه وجاذبيته العقلية. والأجمل من ذلك أن تختلف وجهات نظره هو نفسه حول أمر ما. مثل هذا الشخص في رأيي قادر على تجديد وتغيير علاقته الذهنية بالأمور أو الأحداث بما يحقق مصالح خاصة أو عامة ولا يتصادم مع أي حقائق. لذلك فإنه من الجيد بل من الضروري التفريق بين ما يدور في ذهنك وبين ما يدور في الحقيقة.
منال 
نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 10 سبتمبر2012

Tuesday 14 August 2012

حج رومني وقرابين أوباما


وقّع باراك أوباما نهاية يوليو الماضي على قانون تعزيز التعاون الأمني مع إسرائيل، كما أعلن عن مساعدات عسكرية بقيمة 70 مليون دولار لدعم مشروع الدرع الصاروخي الاسرائيلي “القبة الحديدية”. وهو نظام صاروخي دفاعي متحرك مهمته اعتراض أي هجوم صاروخي على اسرائيل ، شاركت أمريكا من قبل فيه بمبلغ يتجاوز الـ200 مليون دولار. قيمة صاروخ الاعتراض الواحد بحسب صحيفة هآريتس الاسرائيلية  لا يقل عن 62 ألف دولار، وتبلغ قيمة الواحدة من بطارياته عشرات الملايين من الدولارات.
وبهذا ستظل أمريكا ملتزمة بتمويل نظام القبة الحديدية من خلال مثل هذه التشريعات والقوانين التي وقع باراك أوباما على أحدها.
في اليوم التالي لقرابين أوباما السبعين ، أعلن منافسه رومني أثناء زيارته لإسرائيل أن القدس هي عاصمة دولة اسرائيل الشرعية، وأيد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس! جاء ذلك خلال تصريحات عنصرية ممجدة لإسرائيل تمثلت في قوله: يعود الفضل لإنجازات إسرائيل  إلى “تفوقها الثقافي” ويد العناية الإلهية! مما أثار الكثير من السخط على رومني حتى أن راشيل شابي الكاتبة اليهودية من أصول عراقية عنوَنت مقالها في صحيفة الجارديان بعنوان: ميت رومني يهين العالم في جولته! في إشارة إلى ما قاله حول تفوق إسرائيل الثقافي.
غير أنه وعلى الرغم من حج رومني وقرابين أوباما لإسرائيل، إلا أن غالبية يهود أمريكا الذين لا تتجاوز نسبتهم 2%، هم من الحزب الديمقراطي وعلى الأرجح أن ما لا يقل عن 60% منهم سيصوتون لصالح باراك أوباما بحسب ما صرح به مؤخرا بول شام مدير معهد غيلدنهورن للدراسات الإسرائيلية.
إذن فمسألة التقارب الأمريكي الإسرائيلي إن لم تؤثر كثيرا في كسب الأصوات اليهودية الأمريكية فإنها لا تتعدى كونها تقاربا انتهازيا روتينيا. فإسرائيل تنتهز حاجة المرشحين الجمهوري والديمقراطي إلى دعم مادي ومعنوي في حملاتهم الانتخابية وإلى الفوز ببعض الأصوات اليهودية المترددة في بعض الولايات، بالإضافة إلى كسب ود اللوبي الصهيوني المهيمن على مؤسسات إعلامية كبرى والمؤثر على قوى نافذة في أمريكا. هذا الدعم الصهيوني لا يمكن أن يحل محله أي دعم عربي بديل ، فأمريكا ترى في إسرائيل الديمقراطية الوحيدة القوية في المنطقة ، والأهم من ذلك أنها الأقرب إليها سوسيولوجيًا وأيدلوجيًا.
على الجانب الآخر فإن إسرائيل تستفيد من اللهاث الانتخابي الأمريكي بتلقي ضمانات عالية على أهمية وأولوية أمنها القومي ، وربما في هذه المرة تحصل اسرائيل على ضوء أخضر أمريكي ودعم لوجستي في حال قررت ضرب إيران. والفيتو الأمريكي أمام أي قرار ضد اسرائيل في الأمم المتحدة سيكون حينها على رأس قائمة هذا الدعم.


منال 

نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 12-8-2012

Friday 3 August 2012

ابحث عن هؤلاء ولو في دكان الحي


لا يوجد كمال بشري ، والشر والخير غير مطلق. غير أن هناك نوعاً من البشر يجيد باحترافية إخراج أسوأ ما في الناس. ولديهم قدرة ممتازة على شحن المجالس بالسلبية وقلب مزاجك إلى مزاج دفاعي قد يتحول بمزيد من الضغط إلى مزاج عدائي. وفي أحسن الأحوال فإنهم يعطلون بمهارة عالية أي ايجابية يمكن لها أن تثري اجتماعًا أو تنعش مجلسًا. هذا النوع من الناس حرَم نفسه الكثير من الخير ، وعجز عن إدراك فضل كبير قد يعود عليه ممن يجمعه بهم نقاش أو عمل.
يعترف مدير قسم التطوير في احدى الشركات الكبرى للبرمجة فيقول: “على الرغم من وجود أربعمائة مهندس يعمل لدي، غير أنني لا أستمع جديا في اجتماعاتنا سوى لموظفين اثنين فلا أحد من البقية لديه ما هو جدير بالاستماع”. مثل هذا المدير أو الصديق أو القريب يسمى بلغة الإدارة : المُقـلّل Diminisher ، فهو يقلل من قيمة كل شئ و كل شخص و كل فكرة لأن “الأنا” لدية لا تسمح له بتجاوز أنفه ! أو لأنه يخشى تفوق الآخر في مجال يعجز عن مجاراته فيه ، أو إذا نحن أحسنا الظن ، فربما يكون سبب ذلك عدم تقديره الجيد لقدرات الأشخاص. ويُنصح في ذلك الابتعاد كثيرًا عن مخالطة هؤلاء و عدم إلقاء اللوم كثيرا على نفسك في حال استفزك أحدهم ، فهذا النوع من الشخصيات معلوم ومرصود. بل وتخرج بعض الدراسات بين الحين و الآخر تحذر من الاستسلام لهم وتنصح بالخروج من دائرتهم الضيقة.
على النقيض من هؤلاء يوجد الأشخاص المُضاعِفون Multipliers ، الذين “يدبّـلون” قدراتك ، ويحررون أفكارك، ويطلقون لسانك ويستثمرون في أسهم نجاحاتك القليلة بثقة. لا يطلقون الأحكام عليك ويحبونك كما أنت و يحترمون ما تفعل. هم موجودون حولك ، افطن لهم، وإن لم تجدهم فابحث عنهم. وقد يكون أحدهم حلّاقك أو البائع في دكان الحي !

منال 
نشرت هذه التدوينة في الشرق بتاريخ 2 اغسطس 2012

Tuesday 24 July 2012

هل الشيعة راضون عن حزب الله ؟ و ماذا سيفعلون تجاه مرارتهم ؟



كتبته: حنين غدار
23 يوليو 2012

"حزب الله ! لم أعد أعرف من هم تحديدا بعد الآن" هذا ما جاء على لسان سهى، وهي امرأة شيعية (50 عاما) عاشت حياتها كلها في جنوب لبنان. نجت من الحرب الأهلية اللبنانية و الاجتياح الاسرائيلي، ولم تشكو في أي وقت مضى من حزب الله، على الرغم من اختلافها مع أيديولوجية الحزب. "رأيتُ الحزب ينمو ويتطور ليتحول إلى الحزب الأكثر ثقة في الجنوب. عزز من فكرة المقاومة و تجاوز الكليشيهات والخطب. وقد قاوم إسرائيل وحرر الجنوب. كل هذا حدث في السابق عندما كان التحرير هو اهتمامه الأول. أما اليوم فالحزب يبدو مشتتا و ضعيفًا" كما تقول سهى.
العديد من الشيعة يشاركون سهى مخاوف اليوم. إنهم يرون حزب الله عالقا في زاوية ويتصرف بشكل دفاعي، ولا يعجبهم ما تقوم به قيادتهم على العديد من المستويات. غير أنهم خائفون أيضا ولا يستطيعون التخلي عن حزب (الإله) ، مرجعهم السياسي الوحيد.
أتباع حزب الله يشعرون اليوم بالمرارة لثلاثة أسباب رئيسية:
أولا: لأن حزب الله ما زال يدعم النظام السوري الذي يزداد ضعفا يوما بعد يوم. و البعض من أنصار الحزب، وخصوصا اليساريين والشيوعيين السابقين، لا يحتملون موقف الحزب من النظام السوري. فبالنسبة لهم، لدى السوريين الحق في الثورة ضد الديكتاتور من دون أن يُتهموا بالإرهاب و الإجرام. و البعض الآخر يخشون فقط على مصير حزب الله عندما يسقط النظام السوري، و يعتقدون أن الحزب يجب أن يكون عمليا و أكثر واقعية وبرغماتية.
ثانيا: لا يمكن بعد الآن تجاهل تزايد الفساد في جميع صفوف حزب الله ، ولا سيما بالنظر إلى تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان. ففي حين أن العديد يفقدون وظائفهم أو على الأقل يعانون من نفقات الحياة اليومية، فإن أعضاء حزب الله وعائلاتهم يبدو عليهم  الإزدهار ماديا ولا يخفون ذلك. وقد خلق هذا مرارة في قلوب أنصار الحزب من غير الأعضاء الذين يحتاجون للتوسل من أجل على الحصول على أي مساعدات، خلافا لكثير من أعضاء حزب الله الذي يبدو أنه اكتسب كثيرا من التعويضات بعد حرب تموز 2006.
ثالثا: في رأي كثير من اللبنانيين أن حزب الله  و لأول مرة يسيطر على أسوأ حكومة خلال عقود. فخدمات الدولة للمواطنين غير موجودة و خدمات الكهرباء لم تكن يوما بهذا السوء ، ونسبة البطالة آخذة في الارتفاع، و معدل الجريمة في ازدياد، والقوات السورية تنتهك الحدود اللبنانية اسبوعيا. في حين ان الحكومة تتمسك ب"سياسة الفصل" تجاه الربيع السوري.  
وفي خطابه الأخير، سمى الأمين العام للحزب حسن نصر الله وزير الدفاع السوري المقتول آصف شوكت ، سماه رفيق السلاح والمقاومة ! في أنه حين لا يوجد لبناني يستطيع أن ينكر جرائم آصف شوكت في لبنان و كيف عانى بسببه اللبنانيون.
الحقيقة أنه لا أحد سعيد في لبنان. لكن الشيعة بالإضافة إلى عدم سعادتهم فهم خائفون. و حزب الله اليوم هو الوحش الذي ينزف من جروح عديدة. ففي أنحاء العالم يشار بأصابع الاتهام إلى حزب الله وايران لتورطهم في تفجير انتحاري قتل فيه السياح الإسرائيليين في بلغاريا في الاسبوع الماضي . كما اعلنت اسرائيل يوم الجمعة الماضي أنها ستدرس خيار القيام بعمل عسكري إذا دعت الحاجة لضمان عدم وصول الصواريخ السورية أو الأسلحة الكيميائية الى حلفاء بشار الاسد في لبنان، أي حزب الله. و نتساءل اليوم من سيدفع ثمن هذا الهجوم من جديد؟ الشيعة !
في هذه الأثناء، فإن الحكومة اللبنانية بقيادة حزب الله، لا تزال تغض الطرف عن العدد المتزايد من اللاجئين السوريين القادمين الى لبنان، وترفض أن تقدم لهم العون والمساعدات التي بذلها السورييون لأهل الجنوب عندما لجأوا إلى سوريا خلال حرب عام 2006. و حزب الله يختبئ إلى الآن خلف خطاب المقاومة متناسيا عمدا كرم الضيافة الذي حظى به من الشعب السوري، في الوقت الذي يشعر فيه أن الكثير من أتباع الحزب بالذنب لإضطرارهم تجاهل دعم السوريين ، ولا يمكن اخفاء ذلك.
يقول عماد من منطقة بنت جبيل في جنوب لبنان: " "عندما بدأت الحرب في عام 2006، غادرت مع عائلتي إلى دمشق، حيث بقيت مع أسرة سورية لم نكن نعرفها، كان بيننا أصدقاء مشتركون فقط فرحبوا ببقاءنا وتقاسموا معنا منزلهم و بقينا على اتصال معهم ، واليوم اتصلوا بي لمعرفة ما اذا كان يمكنهم أن يقضوا معنا بضعة أيام حتى تهدأ الاشتباكات في دمشق. انهم من السنة، ولست متأكدا من كونهم سيكونون في مأمن هنا في الجنوب، لذلك قلت لهم الحقيقة و وصيت عليهم أصدقاء لي في بيروت و طلبت منهم التواصل معهم. أنا لا أعرف إذا كانوا سوف يذهبون لأصدقائي لبيروت، ولكنني أشعر بالسوء و أشعر أنني ناكر للجميل. لماذا لا بد لها أن يكون الأمر على هذا النحو؟
الأمر اليوم ليس عن المقاومة. ولا يهم حقيقة إذا كان النظام السوري فعلا يدعمها أم لا. السؤال المطروح اليوم بالنسبة للشيعة هو: ماذا ستفعل إذا سقط النظام السوري ؟ وهل سيتحمل الشيعة اليوم تبعات الحرب التي أعلنها حزب الله ضد الشعب السوري؟ و هل الشيعة على استعداد لدفع ثمن حرب أخرى؟ هل هم على استعداد للبقاء دروعا بشرية أمام حزب الله ؟ .
الشيعة بالفعل على الحافة، وسخطهم من حزب الله في تصاعد مستمر. فكم من الوقت يحتاجون حتى ينظرون خلفهم  ويقولون : "كفى !" ؟
جرعة صغيرة من التفاعل البشري يمكن أن يكون أبلغ من أي كلام سياسي. ويمكن أن تبدأ من خلال مساعدتهم اللاجئين السوريين. كما يمكنهم أيضا أن يطلبوا من حسن نصر الله أن يتحدث أصالة عن نفسه فقط، ولكن ذلك قد يستغرق بعض الوقت.



رابط المقال الأصلي باللغة الانجليزية

ترجمتي

Monday 23 July 2012

مطار جدة.. إذا خلص البنزين وأضرب العُمال

جانب من الفوضى المعتادة في مطار جدة


أن تتعطل الرحلات الجوية في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة لأكثر من خمس ساعات فإن ذلك سيُرجع إلى ذهنك السوي جدا كل الكوارث التي مرت بها جدة، وستغرق أفكارك في شبر مَيّة.. هذا الشبر من المياه لن يتجاوز مشاهد السيول. وإن كانت ذاكرتك “نشمية” فستتذكر انقلاب القطار!
أرجَعَ خيال الدراما المحلية الغارق في مشاهد السيول أسباب تعطل رحلات مطار جدة لأمرين: الأول أن “البنزين خلص” والثاني أن “عمال تعبئة الوقود أضربوا عن العمل”.
أن نعرف الحجم الفعلي لجملة “البنزين خلص” فهذا يحتاج لأن ندرك جيدًا الفرق بين وجود وغياب البرلمان الشعبي المنتخب. وأن تعرف ماذا يترتب على جملة “عمال تعبئة الوقود مضربين”، فهذه أيضا معضلة اجتماعية يصعب استيعابها ونحن نقف تحت “مظلة” تُغيّب النقابات العمالية عن العمل!
وبعد أن اتضح في نهاية اليوم أن تعطل 12 رحلة في مطار جدة مساء أمس الأحد، كان سببه عطلاً فنياً في الخط الرئيس المغذي لشبكة وقود المطار، والتابع لشركة أرامكو، فإن اللوم في انتشار شائعات بهذا المستوى من الخيال المحلي الجميل: “البنزين خلص” و”الاضراب العمالي”، يقع على القصور في النص الدرامي الذي لم يثريه استجواب علني ولم يتجاوز الإعفاء! 
كلنا نعلم أن الإدارة هي مفتاح التنمية، غير أن قلة يعرفون الفرق بين الادارة بالبركة والإدارة الفعالة التي تعتبر المساءلة والإجابة (المحاسبة) من أهم عناصرها بالإضافة إلى عنصر ثالث لا ينقصنا وهو امكانيات الدولة. وحتى نبلغ عنان ذلك سيظل الناس يبحثون عن هاش تاقات في تويتر ونواصي في المدونات لممارسة هذا الدور في اطلاق شائعات والمحاسبة بناءً عليها، وأرجو أن لا يُثقل عليهم أحد بأي عتب وبخاصة اولئك الذين أدركوا الفرق منهم.


منال
نشرت هذه التدوينة في الشرق بتاريخ 23 يوليو 2012
http://www.alsharq.net.sa/2012/07/23/407428

Saturday 14 July 2012

في ذكرى "بقاء" غسان كنفاني



في مثل هذا اليوم، الثامن من يوليو 1972: حلقت روح فلسطينية حُرّة في سماء بيروت، اغتال الموساد غسان كنفاني. باختصار وبعيدا عن قوقل، غسان مناضل كتب للوطن وكتب للحب! لماذا قتلته إسرائيل وهو “مجرد كاتب”؟ لأن قلم غسان آمن بلزوم المقاومة وبأن زوال إسرائيل هو نتيجة تاريخية حتمية يجب أن يعمل لها العرب جميعا، وليس مسألة جدلية تبحث عن الحلول الوسط!
قرأت للكنفاني روايته الأولى “رجال في الشمس” والتي تحكي محاولة أبو القيس وأسعد ومروان البائسة في الخروج من فلسطين للبحث عن لقمة العيش، فماتوا اختناقا في خزان الحافلة الذي اختبئوا فيه هربًا من أعين رجال الحدود بين البصرة والكويت ليرمي سائقها أبو الخيزران بجثثهم في الصحراء وهو يتساءل: لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟! لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟!!. ما قاله غسان للفلسطينيين هنا قبل خمسين عاماً وهو عمر هذه الرواية: أن الهروب ليس الحل، ولقمة العيش ليست القضية، قاوموا الموت… دُقّوا باب الخزان. كان حقا لهذه الرواية القصيرة والتي تحمل كل هذه الرسائل النضالية أن تترجم إلى 16 لغة من بينها اللغة اليابانية!
الحقيقة التي لا تسرني كثيرًا هي أنني لم أعرف غسان إلا بعدما قرأتُ كتاب “رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان”، والتي نشرت فيه غادة رسائله إليها. هذه الرسائل كشفت الجانب الآخر له، هذا الجانب لا يقل عذوبة عن حقيقته كمناضل.. فالرجل أحب غادة السمان كثيرًا، حبًا يعتقد البعض -الذين لم يهذبهم الحب- أن فيه انتقاصا من قيمته النضالية. وبعيدا عن الجدل حول حق غادة السمان في نشر رسائل غسان إليها من عدمه، فإن الحب والمعاناة في قلب هذه الرسائل جعلت من غسان بدرًا مضيئًا في سماء أدب المقاومة.
ومهما كُتب عن ذلك، فلن تجدوا جسرا تعبرونه إلى أعماق غسان كنفاني أقصر من كلماته نفسها عن الحب والوطن، وإليكم مدد:
  • لقد صرتِ عذابي، وكُتب عليّ أن ألجأ مرتين إلى المنفى، هاربا أو مرغما على الفرار من أقرب الأشياء إلى الرجل وأكثرها تجذرا في صدره… الوطن والحب.
  • إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق وتافه لغياب السلاح..
  • وإذا كان عليّ أن أناضل من أجل أن أسترد الأرض فقولي لي، أنت أيتها الجنية التي تحيك، كل ليلة، كوابيسي التي لا تُحتمل… كيف أستردك؟
  • إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت.. إنها قضية الباقين.
  • أنتِ في جلدي، وأحسك مثلما أحس فلسطين.
  • ليس المهم أن يموت أحدنا، المهم أن تستمروا.
هل تساءلتم لماذا لم يرحل عنا الكنفاني وناجي العلي ومحمود درويش ولماذا لن يرحل أحمد مطر..؟ لأن ثمة أرواح لا تيأس من القضية وإن غادرت دنيا المعركة! تظل تبحث عن سماء تسكنها… وقلوب تأسرها وعقول تُحيي فيها إيمانها… ومن بين جميع قضايانا يظل الوطن ويحلق الحب فوق حقيقة كل الأشياء ، والدنيا لا تعمّرها والأرواح لا تغمرها سوى القضايا الصادقة.  
منال
نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 8 يوليو 2012

Friday 6 July 2012

محاكمة أندرس بريفيك.. على الرغم من كل شيء


صورة من المحاكمة

انتهت الأسبوع الفائت محاكمة النرويجي أندرس بريفيك المتهم بقتل 77 شخص يوليو الماضي في عمليتين إرهابيتين فصلت بينهما ساعات معدودة. العملية الأولى استهدفت مبنى حكومي في أوسلو بقنبلة أسفرت عن مقتل 8 أشخاص. وفي الثانية استهدف بريفك مخيماً صيفياً شبابياً تابعاً لحزب العمال الحاكم في جزيرة أوتويا، حيث دخله متنكرا في لباس شرطي وبدأ بإطلاق النار عشوائيا مما أدى إلى مقتل 69 شخص أغلبهم من الشباب والفتيات.
فريق الدفاع عن بريفيك
أندرس بريفيك إرهابي متطرف، وعنصري معادٍ للتعددية الثقافية. اعترف انه استهدف معسكر شباب الحزب الحاكم بسبب سياسة الحزب المؤيد للهجرة ومن أجل حماية النرويج من المد الإسلامي الذي يشكل حسب قوله تهديدا على أوروبا بأكملها. وتعتبر جريمته أكبر كارثة تمر بها النرويج بعد الحرب العالمية الثانية. ومما أثار انتباهي أن كل ذلك لم يمنع حدوث العديد من الأمور خلال محاكمته أثارت انتباهي، سأحاول سردها علنّي أجد من يشاركني انتباهي!   
  • بعد القبض عليه بقي بريفيك تسعة أشهر رهن الاحتجاز على ذمة التحقيق، تخللت هذه المدة 3 جلسات استماع على الأقل، إحدى هذه الجلسات كانت علنية.
  • قضى بريفيك 12 أسبوعا من مدة اعتقاله على ذمة التحقيق في الحبس الانفرادي، لجأت الشرطة أثناءها إلى القضاء 3 مرات للحصول على إذن بتمديد فترته. حيث يلزم القانون النرويجي الشرطة بأخذ إذن قضائي لتمديد فترة الحبس الانفرادي للمتهم بعد انقضاء 4 أسابيع من مدته.
  • محاكمة بريفيك “علنية” وتم اعتماد أكثر من 170 مؤسسة إعلامية لتغطيتها. كانت وقائع الجلسات تنقل كحلقات مسلسل في الكثير من الصحف “العالمية”.
  • خضع بريفيك بأمر المحكمة لتقيمين نفسيين، بواسطة مجموعتين مختلفتين من الأطباء النفسيين.
  • ضمت محاكمة بريفك خمسة قضاة ثلاثة منهم مدنيين، قررت محكمة أوسلو بعد الجلسة الثانية منها طرد أحدهم بعد أن شكك دفاع بريفيك في موضوعيته لأنه كتب في موقعه الخاص في الفيس بوك هذه العبارة: “عقوبة الإعدام هي الحل العادل الوحيد في هذه القضية”!
  • اختار أندرس بريفيك فريق دفاعه المكون من محاميين رئيسيين ومساعدين، وعند سؤال (غير ليبشتاد) أحد المحاميين الرئيسيين عن كيفية قبوله الدفاع عن مجرم إرهابي قتل 77 شخص؟ أجاب ليبشتاد بأنه استند في قبوله للدفاع عن بريفيك على مبادئ الدولة الديمقراطية التي يحكمها النظام والقانون والتي تكفل حق العدل والدفاع لأي متهم.
  • منذ القبض عليه وحتى الإعلان المتوقع عن الحكم في منتصف شهر أغسطس القادم، يقضي بريفيك الوقت في زنزانة مكونة من 3 غرف، واحدة للنوم والثانية تحتوي على كمبيوتر غير متصل بالإنترنت وتلفاز ومشغل أقراص دي في دي ، والثالثة تضم بعض الأجهزة الرياضية.
  • تم تحويل جزء من السجن إلى وحدة طب نفسي آمنة للقاتل بكلفة قدرت بنحو 260 ألف يورو، مجهزة لاستقبال بريفيك في حال ثبت أنه ارتكب جرائمه نتيجة لمرض نفسي.
الصحافة العالمية تتابع المحاكمة
أندرس بريفيك الذي أبدى إعجابه الكبير بأهداف وإستراتيجية منظمة القاعدة لم يُظهر أي ندم على جرائمه من اللحظة الأولى لاعتقاله، بل نفى عن نفسه أي مشاكل نفسية، وأعلن في جلسات عدة أنه فخور بما فعله وأنه على استعداد لارتكاب جرائمه مرة ثانية! بالرغم من كل ذلك لم تغفل النرويج حقه في محاكمة عادلة أثارت غيظ الكثيرين لكنها لم تثر غضبهم.
منال 
نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 1 يوليو 2012

Saturday 23 June 2012

لا تسافر وحيدًا ، و لا ترجع وحدك


قمة جبل (ماونت هود) في بورتلاند-امريكا كما تبدو من السماء 


اجعل روحك حاضرة في السفر ، وارجع بها وقد تجلّت ...

  • إن كنتَ تسافر مِن ...  أكثر من كونك تسافر إلى .. فلن تنال أكثر من متعة "الهرب" !
  • أرواح المدن تسكن حيث يحب أهلها ، فاحرص على زيارة مناطقها "الشعبية".
  • في الغالب أنك ستغادر مقعدك في المقهى مُثقلًا ، و ستترك مقعدك في المسرح مُحلّقا.
  • لا تذهب مبكرًا إلى محطات القطار، فما بين الهرولة والركض ستدرك المعنى المُدهش لجملة "اللحاق بالركْب" !
  • المترو أكثر وسيلة حضارية للاقتراب "كثيرًا" من أشخاص لا تعرفهم ...
  • في السفر ... افعل الشيء الجميل أولا ثم الرائع. فالجلوس أمام بحيرة أمر جيد، غير أنك لو وجدت بجوارها محل لتأجير الدراجات فسيكون ذلك مُبهرًا.
  • لإنعاش القلب طقوس و الدهشة إحداها. لا تُخفي دهشتك ، اغتنمها وافرح بها لأطول وقت ممكن. 
  • حتى تشتاقك الأماكن ... لا "تفقد" نفسك في أي مكان.
  • إن لم تُسعفك أخلاقك في "الرياض" فلن تجمّلك في "باريس" .
  • للحقيقة أوجه كثيرة ابحث عنها في سفرك ، وفي هذا تقول غادة السمان: " اكتشفتُ أن قمة الجبل هي قاع السماء ، و الحقيقة تتبدل تبعًا لموقع النظر" !
  • في كل درب رياحينه ، و كل غيمة تهْطل ، أفطِن.
  • و أخيرًا ، احمل "الوطن" في حلّك و ترحالك ، احفظ له العهود ، واقطع له الوعود و احمل له في عودتك الأمل.
منال

نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 20 يونيو 2012

Tuesday 19 June 2012

من رسائل مي زيادة إلى جبران خليل جبران




... جبران !

إنّ الذين لا يُتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات، 

ينمّي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية ...

قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يُقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر،

ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم ، 

 ويُفضّلون وحدتهم ، ويفضلون السكوت ،

ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها ، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة ...

ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة !

مي زيادة          

Monday 11 June 2012

حتى لا نهلَك استياءً و مرارة



المرارة أو الشعور الطويل بالاستياء ربما يكون أمرا شائعًا أكثر مما نعتقد ، و هو احساس قد لا نتوقف عنده كثيرا باعتباره موضوعًا يرتبط بالمشاعر التي اعتدنا على تجاهلها و إغفال تأثيرها المباشر على حياتنا و مَن حولنا.

الفشل في جانب من جوانب الحياة العملية أو الإنسانية قد يؤدي إلى الشعور بالاستياء أو المرارة ، و هو ما  يختلف عن الحزن في كون الحزن يأتي من إيمان الشخص بأنه يتحمل "وحده" مسؤولية فشله في تحقيق هدف ما . بينما الشعور بالمرارة يغذيه الإحساس بأن الغير هم السبب في منعه من الوصول إلى هدفه ، و بالتالي فإنه يحمّل "الآخرين" مسؤولية الفشل في تحقيق جزء من أحلامه . يصاحب الشعور بالمرارة غضب دفين قد يتحول إلى رغبة في الانتقام أحيانا ، وقد قيل : إن المرارة أشبه بشرب السم ثم انتظار موت شخص آخر!  لذلك فإنه من المهم جدا الفطنة لما يدور في عقولنا من أسئلة و ما يختلج في صدورنا من مشاعر بعد المرور بأزمة تبتعد بنا عن تحقيق جزء من أحلامنا ، كخسارة وظيفة أحببناها أو انتهاء علاقة حرصنا على استمرارها.

فهم مشاعرنا السلبية قد يجنبنا الشعور المُرهق بالمرارة و التي يصنفها بعض الأطباء و الباحثين النفسيين كاضطراب نفسي يستدعي العلاج ، حيث كان أول من أطلق عليها الاسم العلمي (اضطراب مرارة ما بعد الصدمة) في العام 2003 الباحث و الطبيب النفسي مايكل ليندن و الذي وصف الأشخاص الذين يعانون من المرارة المَرَضية بأنهم : أشخاص جيدون عملوا بإخلاص و جد من أجل الوصول إلى أهداف مهمة في حياتهم ، ثم يحدث أمر ما سيئ و غير متوقع ، و مع غياب دور الأسرة و الأصدقاء ، يسيطر عليهم الشعور بالإجحاف و يغلبهم الإحساس بأنهم  وقعوا "ضحية" شئ ما ، مما يحولهم على المدى البعيد إلى أشخاص عدوانيين و متشائمين ، كارهين للحياة و الناس. و في دراسة حديثة تضمنها كتاب (الشعوربالمرارة: وجهات نظر مجتمعية و نفسية  وإكلينيكية ) يرى الباحثان في علم النفس روسك و ريناود أن الطريقة المثلى لتجنب كل ذلك هو أنه و بعد فشل المحاولة في تحقيق هدف ما (كالحصول على ترقية ، أو انقاذ زواج) فإنه يجب البحث عن طرق أخرى لتحقيقه ، أما إذا كان الهدف نفسه لا يبدو مثمرا عندها يجب فك الارتباط به و الانخراط مجددا في أمر مساوي له في القدر و التأثير (كتغيير الوظيفة ، أو البحث عن علاقة جديدة).

إن التعامل الإيجابي مع حزننا أو استياءنا لا يستوجب بالضرورة سرعة التخلص منهما ، فما ندفنه في قلوبنا "حيّاً" يعمل مع الوقت على تسميم أرواحنا و تلويث صفاءها . لكننا بالتأكيد و لتجاوز الألم نحتاج للكثير من الوعي به و الفطنة له ، و الإيمان بأننا لن نستمتع بشيء من أحلامنا إلا إذا بلغناها بأرواح و قلوب و مشاعر سليمة.

منال
نشرت هذه التدوينة في "الشرق" ، بتاريخ 9 يونيو 2012
  

Monday 4 June 2012

مناضلون في "مقابر الأرقام" الإسرائيلية

رفات الشهداء بعد استلام السلطة الفلسطينية لهم


في جنازة عسكرية مهيبة شيع الفلسطينيون رفاة 91 شهيداً سلمتهم اسرائيل للسلطات الفلسطينية الخميس الماضي، كان من بينهم شهداء “عملية فندق سافوي” 1975، وهي من العمليات الشهيرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية. جاءت هذه العملية الفدائية ردا على اغتيال اسرائيل لقادة فلسطينيين في “عملية الفردان” في بيروت عام 1973، والتي كانت عملية اسرائيلية انتقامية بعد تصفية المقاومة الفلسطينية  لـ11 رياضياً اسرائيلياً في ميونخ عام 1972 وذلك بعد أربعة أشهر من تفجير الموساد لسيارة غسان كنفاني واستشهاده في بيروت!
أبطال سافوي 
ظل رفات شهداء سافوي 36 عاماً في مقابر إسرائيلية سرية تسمى “مقابر الأرقام” يتم دفن شهداء النضال والمقاومة فيها ويوضع على كل قبر شاهد برقم ملفه لدى السلطات الإسرائيلية! حتى توهم اسرائيل نفسها بأن هؤلاء المناضلين ليسوا سوى أرقام مضت في تاريخ كيانها، في حين أن كل واحد منهم تمكن من هز هذا الكيان المحتل ووازن ولو لفترة بين آلة القمع الاسرائيلية والضعف العربي الفلسطيني، وحقق أحد أهم بنود الميثاق الوطني الفلسطيني وهو حق الكفاح المسلح.


إحدى مقابر الأرقام الإسرائيلية
ستظل المقاومة الفلسطينية حقا مشروعا..  فبينما يعيش مليونا فلسطيني اعتقالًا جماعيا في قطاع غزة نتيجة للحصار، ويتعرض أهلها لنيران الجنود الإسرائيليين من على مسافة تتجاوز الألف متر أحيانا داخل الشريط العازل بين القطاع وإسرائيل لمجرد محاولتهم حصاد محاصيلهم الزراعية من أراضيهم القريبة للشريط، لا يزال يستشهد الفدائيون من شبابها أثناء محاولتهم اختراق هذا الحاجز المهين على أراضيهم ومقاومة الاحتلال. وقد تجاوز عددهم من بعد نهاية “عملية الرصاص المصبوب” على غزة في 2009م 36 شهيداً، كان آخرهم أحمد أبو النصر (21 عاماً) الذي قتل على يد القوات الإسرائيلية فجر الجمعة الماضي، بعد أن تمكن من قتل جندي اسرائيلي محتل على الشريط الحدودي قبل استشهاده، وزادت به مقابر الأرقام عدداً واحداً كانت تخشاه اسرائيل كثيراً.
منال 
نشر هذل المقال في الشرق بتاريخ 2-يونيو-2012
http://www.alsharq.net.sa/2012/06/02/320505#comment-92790

Sunday 27 May 2012

حلف "ناتو" الخليجي



أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي "الناتو "  راسموسن على "هامش" قمة حلف الأطلسي من شيكاغو الأسبوع الماضي عن بدء تشغيل "الدرع الصاروخية" في أوروبا و هي منظومة دفاعية  قادرة على صد أي هجوم صاروخي يستهدف دول التحالف ، مع تزويد السفن الحربية الأمريكية في منطقة البحر المتوسط بصواريخ اعتراضية وتركيب نظام رادار أرضي في تركيا . هذا الدرع الصاروخي قائم على  "مبادرة الدفاع الإستراتيجي" التي أطلقها الرئيس ريجان في الثمانينات و تحمس لها الجمهوريون بوش الأب و الإبن ، فيما عطلها الديمقراطي كلينتون و خالفه أوباما بتشغيله مع اقتراب الانتخابات الرئاسية !
كان الهدف الأساسي من إنشاء حلف "الناتو" عام 1949 واضح و معلن ، وهو " إبقاء الروس في الخارج،  و الأمريكان في الداخل" . أي حماية أوروبا من الخطر السوفيتي ... بقيادة أمريكية !
وحتى بعد انتهاء الحرب الباردة بين الأمريكان و الروس و تفكك الإتحاد السوفيتي و توسع أهداف الناتو و تغير استراتيجيته ، لا زالت روسيا ترى فيه تهديدًا مباشرًا لأمنها. و توعدت مرارا بتوجيه ضربة استباقية ضد "الدرع الصاروخية"  ، لاسيما و أن أمريكا لا ترغب في تقديم ضمانات لروسيا بشأن استخدامه. و بالرغم من محاولات الناتو "إقناع" روسيا بأن النظام الصاروخي ، يهدف إلى حماية أوروبا من تهديد حقيقي مصدره الشرق الأوسط و على الأرجح إيران. إلا أن روسيا بخلافاتها مع الغرب حول الثورة السورية و طرق مواجهة قدرات إيران النووية جعلت من نفسها طرفا في حلف "قوى الشر" في الشرق الأوسط ، و أضحت في شبه عزلة "نفسية" عن جاراتها في أوروبا  !
كتب (روبرت هاديك) مؤخرا في مجلة الفورين بوليسي مقالًا بعنوان "الخليج الفارسي يحتاج ناتو خاص به" ، مقارنًا بين الاتحاد الخليجي و الناتو من حيث تشابه التهديدات الإقليمية التي أدت إلى التفكير في التحالف ، و موازيا  بين ما يحسبه هو و الغرب انعدام ثقة من دول الخليج العربي في السعودية و خوف من هيمنتها أدى إلى تأخر قيام اتحاد خليجي في المنطقة وبين توجس دول شمال الأطلسي من بعضها البعض الأمر الذي أدى بها إلى أن تتخذ من أمريكا شريكًا في تحالفها بصفتها دولة محايدة و لا أطماع لها في أوروبا بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية و العسكرية.  حيث يرى الكاتب روبرت ، و هو ضابط سابق في البحرية الأمريكية قدّم خدمات استشارية لوزارة الخارجية ومجلس الاستخبارات القومي الأمريكي حول قضايا حربية ،  يرى أن الحل في تسريع خطوات الاتحاد الخليجي هو وجود طرف محايد كشريك في الإتحاد ، يمكنه تقديم ضمانات لباقي دول الخليج و يزيح عن الاتحاد شبح الهيمنة السعودية ، و طبعًا وفقًا لروبرت هاديك فإن التجربة الأوروبية متمثلة في الناتو تجعل من الولايات المتحدة الأمريكية أفضل شريك في مقاعد الإتحاد الخليجي !
روبرت كان محقا في ترتيبه لأولويات الإتحاد و إدراكا لدوافعه الحقيقية ، و لا يمكن لأحد إنكار فعالية حلف شمال الأطلسي مهما اختلفنا حول أهدافه. إن تطوير درع الجزيرة كمنظومة عسكرية دفاعية لابد أن يكون من أهم أولويات الإتحاد الخليجي كما أنه أكثرها منطقية و إقناع لضمان حد أدنى من الاستقرار الأمني و تعزيز مبدأ وحدة المصير. غير أن تحليل الغرب لأسباب تأخر الإتحاد و طرق تسريعه لا تبدو منطقية في ظل تراجع مكانة أمريكا في الشرق الأوسط ، كما أن أمريكا لم يعد لها ثقلها الاستراتيجي و لا يعوّل كثيرا على وزنها في استقرار المنطقة.
إن تسويق الاحتياج الحتمي لأمريكا كراعي رسمي للإتحاد الخليجي في الوقت الذي غاب فيه تأثيرها منذ بداية الربيع العربي هو مشروع باهت.  و من ناحية أخرى فإن انتقاد الدوافع الأمنية في دعوة الملك عبدالله لقيام اتحاد خليجي لا يبدو منطقيًا في "غبرة" التصريحات الإيرانية الصلفة و التي لن تصبح قريبًا اسطوانة قديمة ، فالاسطوانة الإيرانية لازالت تعمل بفاعلية بل و تحولت إلى قرص مضغوط !
بالإضافة إلى ذلك فإن الترويج لفكرة وجود خوف "مؤثر" من الهيمنة السعودية في الخليج لا يفسر حقيقة سبب تأجيل إعلان الاتحاد الخليجي في  قمة الرياض التشاورية الأخيرة. و بحسب ما أعلنه سعود الفيصل فإن التأجيل جاء لوضع دراسة شاملة ودقيقة نأمل أن يتضح بها شكل الإتحاد و يُستفتى فيها شعب الخليج. و بينما أقر المجلس "الاتفاقية الأمنية" و كلّف وزراء الداخلية بالتوقيع عليها .... بقيت الأعين تتطلع لوزراء دفاع الخليج العربي و درع الناتو الصاروخية.
منال
نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 26 مايو 2012

Friday 11 May 2012

بعد التبريكات ... أمنيات للخريجين و الخريجات





هي أيام أعراس الخريجات والخريجين ... بعد المبروك نقول: الله المستعان و عليه التكلان ، نحن السابقون و أنتم اللاحقون !
أدعو الله أن لا يضطر أخواني و أخواتي بعد طلب العلم أن يصبحوا "طُلاّب" حافز ، كما أن لي أمنيات سأنثرها في طريقكم ... فإليك أيها الخريج / و أيتها الخريجة بعضًا من امنياتي:
-         بداية أتمنى لك الحصول على عمل في مجال تخصصك قبل أن تنكسر العين أمام الأعيان ، و تطيب النفس من دخول المجالس ، بسبب  الحرج من فلان اللي طلبناه و علاّن اللي وسطناه !
-         ليتك تجد في وظيفتك زميل عمل سليم المنطق و صافي النية فلا يرى -مثلا- في قدومك المبكر إلى الدوام مؤامرة تحاك من خلفه تستهدف كيانه العظيم .  
-         كما سيكون من الجميل جدا أن لا تضطر إلى اخفاء مواهبك و دفن ابداعاتك طواعية بعيدا عن عيون و "أيادي" مديرك المنتشرة في كل مكان خوفًا من أن تتهم بالتغريب !
-         كذلك أدعو الله أن لا يكون مديرك من النوع الذي يخبئ تحت لسانه "مِعوَلاً" فما أن يلحظ تميزك حتى يبدأ في تذكيرك بالمشوار الشاق و الطويل جدًا الذي عليك أن تهروله حتى تصل إلى ربع ما وصل إليه هو.  
-         سيصبح من الرائع جدا أن تحظى بمدير يرى فيك امتدادا له ، و يعمل على صناعة شركاء في العمل و ليس أشباح تختفي تحت عباءته لا يراهم سواه.
-         لعلك تجد أيضا بيئة عمل صحية تحفز على الإنجاز وتشعرك بالانتماء ، فلا ينقلب الإخلاص في العمل و جهد المُحِب المُضني ضدك بحجة أن "هذا أكيد وراه سالفة" !
-         كما أرجو أن يحفظ الله عليك عملك فلا تكون موقعًا على بيانات ، ولا ناشطًا حقوقيًا و لا صاحب رؤية "حادة" خارج نافذة مكتبك الجميل ! غير أنه يبقى بإمكانك أن تجرب جميع هذا أثناء فترة انتظارك للوظيفة لتتأكد أن عملك مُقدّمٌ و أهم . 
اعتذر لكل من شعر بثقل في قلبه من مقالي هذا و أدعوه لقراءة ما كتبته سابقا إلى العاطلين عن العمل و الحب ... و دامت أفراح الوطن عامرة بأبنائه.


نشر هذا المقال في "الشرق" بتاريخ 10 مايو 2012