Sunday 27 May 2012

حلف "ناتو" الخليجي



أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي "الناتو "  راسموسن على "هامش" قمة حلف الأطلسي من شيكاغو الأسبوع الماضي عن بدء تشغيل "الدرع الصاروخية" في أوروبا و هي منظومة دفاعية  قادرة على صد أي هجوم صاروخي يستهدف دول التحالف ، مع تزويد السفن الحربية الأمريكية في منطقة البحر المتوسط بصواريخ اعتراضية وتركيب نظام رادار أرضي في تركيا . هذا الدرع الصاروخي قائم على  "مبادرة الدفاع الإستراتيجي" التي أطلقها الرئيس ريجان في الثمانينات و تحمس لها الجمهوريون بوش الأب و الإبن ، فيما عطلها الديمقراطي كلينتون و خالفه أوباما بتشغيله مع اقتراب الانتخابات الرئاسية !
كان الهدف الأساسي من إنشاء حلف "الناتو" عام 1949 واضح و معلن ، وهو " إبقاء الروس في الخارج،  و الأمريكان في الداخل" . أي حماية أوروبا من الخطر السوفيتي ... بقيادة أمريكية !
وحتى بعد انتهاء الحرب الباردة بين الأمريكان و الروس و تفكك الإتحاد السوفيتي و توسع أهداف الناتو و تغير استراتيجيته ، لا زالت روسيا ترى فيه تهديدًا مباشرًا لأمنها. و توعدت مرارا بتوجيه ضربة استباقية ضد "الدرع الصاروخية"  ، لاسيما و أن أمريكا لا ترغب في تقديم ضمانات لروسيا بشأن استخدامه. و بالرغم من محاولات الناتو "إقناع" روسيا بأن النظام الصاروخي ، يهدف إلى حماية أوروبا من تهديد حقيقي مصدره الشرق الأوسط و على الأرجح إيران. إلا أن روسيا بخلافاتها مع الغرب حول الثورة السورية و طرق مواجهة قدرات إيران النووية جعلت من نفسها طرفا في حلف "قوى الشر" في الشرق الأوسط ، و أضحت في شبه عزلة "نفسية" عن جاراتها في أوروبا  !
كتب (روبرت هاديك) مؤخرا في مجلة الفورين بوليسي مقالًا بعنوان "الخليج الفارسي يحتاج ناتو خاص به" ، مقارنًا بين الاتحاد الخليجي و الناتو من حيث تشابه التهديدات الإقليمية التي أدت إلى التفكير في التحالف ، و موازيا  بين ما يحسبه هو و الغرب انعدام ثقة من دول الخليج العربي في السعودية و خوف من هيمنتها أدى إلى تأخر قيام اتحاد خليجي في المنطقة وبين توجس دول شمال الأطلسي من بعضها البعض الأمر الذي أدى بها إلى أن تتخذ من أمريكا شريكًا في تحالفها بصفتها دولة محايدة و لا أطماع لها في أوروبا بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية و العسكرية.  حيث يرى الكاتب روبرت ، و هو ضابط سابق في البحرية الأمريكية قدّم خدمات استشارية لوزارة الخارجية ومجلس الاستخبارات القومي الأمريكي حول قضايا حربية ،  يرى أن الحل في تسريع خطوات الاتحاد الخليجي هو وجود طرف محايد كشريك في الإتحاد ، يمكنه تقديم ضمانات لباقي دول الخليج و يزيح عن الاتحاد شبح الهيمنة السعودية ، و طبعًا وفقًا لروبرت هاديك فإن التجربة الأوروبية متمثلة في الناتو تجعل من الولايات المتحدة الأمريكية أفضل شريك في مقاعد الإتحاد الخليجي !
روبرت كان محقا في ترتيبه لأولويات الإتحاد و إدراكا لدوافعه الحقيقية ، و لا يمكن لأحد إنكار فعالية حلف شمال الأطلسي مهما اختلفنا حول أهدافه. إن تطوير درع الجزيرة كمنظومة عسكرية دفاعية لابد أن يكون من أهم أولويات الإتحاد الخليجي كما أنه أكثرها منطقية و إقناع لضمان حد أدنى من الاستقرار الأمني و تعزيز مبدأ وحدة المصير. غير أن تحليل الغرب لأسباب تأخر الإتحاد و طرق تسريعه لا تبدو منطقية في ظل تراجع مكانة أمريكا في الشرق الأوسط ، كما أن أمريكا لم يعد لها ثقلها الاستراتيجي و لا يعوّل كثيرا على وزنها في استقرار المنطقة.
إن تسويق الاحتياج الحتمي لأمريكا كراعي رسمي للإتحاد الخليجي في الوقت الذي غاب فيه تأثيرها منذ بداية الربيع العربي هو مشروع باهت.  و من ناحية أخرى فإن انتقاد الدوافع الأمنية في دعوة الملك عبدالله لقيام اتحاد خليجي لا يبدو منطقيًا في "غبرة" التصريحات الإيرانية الصلفة و التي لن تصبح قريبًا اسطوانة قديمة ، فالاسطوانة الإيرانية لازالت تعمل بفاعلية بل و تحولت إلى قرص مضغوط !
بالإضافة إلى ذلك فإن الترويج لفكرة وجود خوف "مؤثر" من الهيمنة السعودية في الخليج لا يفسر حقيقة سبب تأجيل إعلان الاتحاد الخليجي في  قمة الرياض التشاورية الأخيرة. و بحسب ما أعلنه سعود الفيصل فإن التأجيل جاء لوضع دراسة شاملة ودقيقة نأمل أن يتضح بها شكل الإتحاد و يُستفتى فيها شعب الخليج. و بينما أقر المجلس "الاتفاقية الأمنية" و كلّف وزراء الداخلية بالتوقيع عليها .... بقيت الأعين تتطلع لوزراء دفاع الخليج العربي و درع الناتو الصاروخية.
منال
نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 26 مايو 2012

Friday 11 May 2012

بعد التبريكات ... أمنيات للخريجين و الخريجات





هي أيام أعراس الخريجات والخريجين ... بعد المبروك نقول: الله المستعان و عليه التكلان ، نحن السابقون و أنتم اللاحقون !
أدعو الله أن لا يضطر أخواني و أخواتي بعد طلب العلم أن يصبحوا "طُلاّب" حافز ، كما أن لي أمنيات سأنثرها في طريقكم ... فإليك أيها الخريج / و أيتها الخريجة بعضًا من امنياتي:
-         بداية أتمنى لك الحصول على عمل في مجال تخصصك قبل أن تنكسر العين أمام الأعيان ، و تطيب النفس من دخول المجالس ، بسبب  الحرج من فلان اللي طلبناه و علاّن اللي وسطناه !
-         ليتك تجد في وظيفتك زميل عمل سليم المنطق و صافي النية فلا يرى -مثلا- في قدومك المبكر إلى الدوام مؤامرة تحاك من خلفه تستهدف كيانه العظيم .  
-         كما سيكون من الجميل جدا أن لا تضطر إلى اخفاء مواهبك و دفن ابداعاتك طواعية بعيدا عن عيون و "أيادي" مديرك المنتشرة في كل مكان خوفًا من أن تتهم بالتغريب !
-         كذلك أدعو الله أن لا يكون مديرك من النوع الذي يخبئ تحت لسانه "مِعوَلاً" فما أن يلحظ تميزك حتى يبدأ في تذكيرك بالمشوار الشاق و الطويل جدًا الذي عليك أن تهروله حتى تصل إلى ربع ما وصل إليه هو.  
-         سيصبح من الرائع جدا أن تحظى بمدير يرى فيك امتدادا له ، و يعمل على صناعة شركاء في العمل و ليس أشباح تختفي تحت عباءته لا يراهم سواه.
-         لعلك تجد أيضا بيئة عمل صحية تحفز على الإنجاز وتشعرك بالانتماء ، فلا ينقلب الإخلاص في العمل و جهد المُحِب المُضني ضدك بحجة أن "هذا أكيد وراه سالفة" !
-         كما أرجو أن يحفظ الله عليك عملك فلا تكون موقعًا على بيانات ، ولا ناشطًا حقوقيًا و لا صاحب رؤية "حادة" خارج نافذة مكتبك الجميل ! غير أنه يبقى بإمكانك أن تجرب جميع هذا أثناء فترة انتظارك للوظيفة لتتأكد أن عملك مُقدّمٌ و أهم . 
اعتذر لكل من شعر بثقل في قلبه من مقالي هذا و أدعوه لقراءة ما كتبته سابقا إلى العاطلين عن العمل و الحب ... و دامت أفراح الوطن عامرة بأبنائه.


نشر هذا المقال في "الشرق" بتاريخ 10 مايو 2012

Wednesday 9 May 2012

THE HEART !


Portrait of
 Emily Dickinson
by Emily Dickinson-


THE HEART asks pleasure first
 -And then excuse from pain
 And then those little
;anodynes
   ...That deaden suffering

And then to go to sleep
And then, if it should be
,The will of its Inquisitor
.The liberty to die



Friday 4 May 2012

تويتر في ظل الخصوصية السعودية




من بين مليار و نصف المليار مسلم في العالم ، لا أعتقد أن للسعوديين خصوصية دينية . و ضمن الخمسمائة مليون عربي حول العالم ، لا أؤمن بخصوصيتنا الثقافية !
خصوصيتنا التي نختص بها حقيقة دون خلق الله هي تلك القيود المفروضة علينا عنوة أو عن طيب خاطر –مكسور- من جهات رسمية أو مجتمعية نافذة . و متى تحرّرت أجسادنا و أصبحنا في غير المكان أو بعيدا عن الأعين السلطوية تحررت عقولنا و أشرقت قلوبنا ، وظهر لنا أن الشعب المسكين طبيعي و لا "يتمتع" بأي خصوصيات شاذة !

هذا بداية ، أما بعد ... فسأستعرض على عجالة بعض المهارات السعودية في "تويتر" في ظل الخصوصية التي سبق "الكشف عنها" :

  • يتميز السعوديون بوقفات على منابر "بيانات الكترونية" تحشد المريدين ، فيما يشبه التظاهر أو الاعتصام الذي قد يستمر الجدل حوله اسبوعًا تويتريًا كاملا !
  • الدعايات الانتخابية لكل مرشح برلماني أو رئاسي في جميع دول العالم الحر تقريبا ، ولو سمح الدستور المصري للسعوديين  بالتصويت في الانتخابات الرئاسية لأراحونا وارتاح أبو الفتوح !
  • تحليل البرامج التلفزيونية المحلية و كل ما يندرج تحت ذلك من بنود "تقويم الاعوجاج بالتلطيش" ، فالسعوديون كمثال لم ينطلي عليهم مؤخرا ما خفي وراء شال الشريان من أجندة وطنية ركيكة !!!
  • نظم أجمل الأبيات الشعرية في حبيبة غالبا ما تكون وهمية ، و التأكيد على الإيمان العميق بأن الحب طاقة مؤثرة في المزاج فقط !

الحقيقة أن ما سبق كان أمثلة لبعض "الحراك" السعودي في تويتر في ظل الخصوصية ، و الذي مع الأسف لم يتمكن حتى الآن من ايقاف العمل بقرار إلغاء ندوة فكرية ، أو خلق صناديق اقتراع لمجلس شعب أو تقنين صراع بين تيارات مختلفة ، و الأهم من كل هذا أن الشعر "التويتري" لم يأتِ لأحدٍ بعد بحبيبة  حقيقية !
الخصوصية السعودية تمنح كل مواطن حائط يتكئ عليه و لكنها لا تسمح اطلاقًا بارتقائه أو تجاوزه إلى الناحية الأكثر اخضرارا ، و لنظل نصرخ جميعًا في تويتر في حدود خصوصيتنا البائسة !

منال 

نشرت في "الشرق" بتاريخها