Tuesday 14 August 2012

حج رومني وقرابين أوباما


وقّع باراك أوباما نهاية يوليو الماضي على قانون تعزيز التعاون الأمني مع إسرائيل، كما أعلن عن مساعدات عسكرية بقيمة 70 مليون دولار لدعم مشروع الدرع الصاروخي الاسرائيلي “القبة الحديدية”. وهو نظام صاروخي دفاعي متحرك مهمته اعتراض أي هجوم صاروخي على اسرائيل ، شاركت أمريكا من قبل فيه بمبلغ يتجاوز الـ200 مليون دولار. قيمة صاروخ الاعتراض الواحد بحسب صحيفة هآريتس الاسرائيلية  لا يقل عن 62 ألف دولار، وتبلغ قيمة الواحدة من بطارياته عشرات الملايين من الدولارات.
وبهذا ستظل أمريكا ملتزمة بتمويل نظام القبة الحديدية من خلال مثل هذه التشريعات والقوانين التي وقع باراك أوباما على أحدها.
في اليوم التالي لقرابين أوباما السبعين ، أعلن منافسه رومني أثناء زيارته لإسرائيل أن القدس هي عاصمة دولة اسرائيل الشرعية، وأيد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس! جاء ذلك خلال تصريحات عنصرية ممجدة لإسرائيل تمثلت في قوله: يعود الفضل لإنجازات إسرائيل  إلى “تفوقها الثقافي” ويد العناية الإلهية! مما أثار الكثير من السخط على رومني حتى أن راشيل شابي الكاتبة اليهودية من أصول عراقية عنوَنت مقالها في صحيفة الجارديان بعنوان: ميت رومني يهين العالم في جولته! في إشارة إلى ما قاله حول تفوق إسرائيل الثقافي.
غير أنه وعلى الرغم من حج رومني وقرابين أوباما لإسرائيل، إلا أن غالبية يهود أمريكا الذين لا تتجاوز نسبتهم 2%، هم من الحزب الديمقراطي وعلى الأرجح أن ما لا يقل عن 60% منهم سيصوتون لصالح باراك أوباما بحسب ما صرح به مؤخرا بول شام مدير معهد غيلدنهورن للدراسات الإسرائيلية.
إذن فمسألة التقارب الأمريكي الإسرائيلي إن لم تؤثر كثيرا في كسب الأصوات اليهودية الأمريكية فإنها لا تتعدى كونها تقاربا انتهازيا روتينيا. فإسرائيل تنتهز حاجة المرشحين الجمهوري والديمقراطي إلى دعم مادي ومعنوي في حملاتهم الانتخابية وإلى الفوز ببعض الأصوات اليهودية المترددة في بعض الولايات، بالإضافة إلى كسب ود اللوبي الصهيوني المهيمن على مؤسسات إعلامية كبرى والمؤثر على قوى نافذة في أمريكا. هذا الدعم الصهيوني لا يمكن أن يحل محله أي دعم عربي بديل ، فأمريكا ترى في إسرائيل الديمقراطية الوحيدة القوية في المنطقة ، والأهم من ذلك أنها الأقرب إليها سوسيولوجيًا وأيدلوجيًا.
على الجانب الآخر فإن إسرائيل تستفيد من اللهاث الانتخابي الأمريكي بتلقي ضمانات عالية على أهمية وأولوية أمنها القومي ، وربما في هذه المرة تحصل اسرائيل على ضوء أخضر أمريكي ودعم لوجستي في حال قررت ضرب إيران. والفيتو الأمريكي أمام أي قرار ضد اسرائيل في الأمم المتحدة سيكون حينها على رأس قائمة هذا الدعم.


منال 

نشرت هذه التدوينة في "الشرق" بتاريخ 12-8-2012

Friday 3 August 2012

ابحث عن هؤلاء ولو في دكان الحي


لا يوجد كمال بشري ، والشر والخير غير مطلق. غير أن هناك نوعاً من البشر يجيد باحترافية إخراج أسوأ ما في الناس. ولديهم قدرة ممتازة على شحن المجالس بالسلبية وقلب مزاجك إلى مزاج دفاعي قد يتحول بمزيد من الضغط إلى مزاج عدائي. وفي أحسن الأحوال فإنهم يعطلون بمهارة عالية أي ايجابية يمكن لها أن تثري اجتماعًا أو تنعش مجلسًا. هذا النوع من الناس حرَم نفسه الكثير من الخير ، وعجز عن إدراك فضل كبير قد يعود عليه ممن يجمعه بهم نقاش أو عمل.
يعترف مدير قسم التطوير في احدى الشركات الكبرى للبرمجة فيقول: “على الرغم من وجود أربعمائة مهندس يعمل لدي، غير أنني لا أستمع جديا في اجتماعاتنا سوى لموظفين اثنين فلا أحد من البقية لديه ما هو جدير بالاستماع”. مثل هذا المدير أو الصديق أو القريب يسمى بلغة الإدارة : المُقـلّل Diminisher ، فهو يقلل من قيمة كل شئ و كل شخص و كل فكرة لأن “الأنا” لدية لا تسمح له بتجاوز أنفه ! أو لأنه يخشى تفوق الآخر في مجال يعجز عن مجاراته فيه ، أو إذا نحن أحسنا الظن ، فربما يكون سبب ذلك عدم تقديره الجيد لقدرات الأشخاص. ويُنصح في ذلك الابتعاد كثيرًا عن مخالطة هؤلاء و عدم إلقاء اللوم كثيرا على نفسك في حال استفزك أحدهم ، فهذا النوع من الشخصيات معلوم ومرصود. بل وتخرج بعض الدراسات بين الحين و الآخر تحذر من الاستسلام لهم وتنصح بالخروج من دائرتهم الضيقة.
على النقيض من هؤلاء يوجد الأشخاص المُضاعِفون Multipliers ، الذين “يدبّـلون” قدراتك ، ويحررون أفكارك، ويطلقون لسانك ويستثمرون في أسهم نجاحاتك القليلة بثقة. لا يطلقون الأحكام عليك ويحبونك كما أنت و يحترمون ما تفعل. هم موجودون حولك ، افطن لهم، وإن لم تجدهم فابحث عنهم. وقد يكون أحدهم حلّاقك أو البائع في دكان الحي !

منال 
نشرت هذه التدوينة في الشرق بتاريخ 2 اغسطس 2012