Wednesday 25 January 2012

الوعي الجماعي من نيويورك إلى ميانمار




تبدأ أغلب النقلات العظيمة للأمم من الوعي الجماعي ، أو كما سماه عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم "الضمير الجمعي" ، و يقصد به المبادئ و المواقف الأخلاقية المشتركة التي تعمل كقوة موحدة داخل المجتمع. هذه القوة الموحدة قادرة على أن تشكل حراكا هادرا ينتهي بتغييرات مذهلة في المجتمع نفسه.
من البديهي إذن أن المجتمعات التي تهيمن  توافه الحقائق على مساحة كبيرة من وعيها أو ضميرها الجماعي ستنتظر طويلاً في آخر ركب الإصلاح  والتقدم ، كما أنها تقف بعيدا عن تحقيق  أي شئ مذهل !
ففي الوقت الذي سيطرت فيه الحقائق الرئيسية كالعدالة و الحرية و "مكافحة" الفساد على شعوب العالم من نيويورك إلى ميانمار ، فيما يشبه شعلة فكرية تتناوب في حملها شعوب الكرة الأرضية ، تاهت منا نحن حقائق كبرى وسط عجاج الحروب الكلامية  ، و فاتَنا تجلّيها الفاتِن في مساحات وعينا ؟ و بات وعينا  يبحث عن مخرج لغوي لكلمتي "الخزي والعار" يبرر به وقوفه " كاللوح" بجانب أحد التيارين الوطنيين المزعومين ! و أضحت الصحف "اللمّامة" و المقالات "الشتّامة" تغزو  وعي المجتمع المتحفز. 
إن شتات الفكر و الإستهانة  بالوعي الجماعي أمر مقلق لا يمكن تجاوزه ،  وللشيخ محمد الغزالي القول: " إن الحقائق الرئيسية في المنهاج الإسلامي لا تمثل المساحة العقلية المقررة لها " ثم يستطرد رحمه الله : "إن عدم سيطرة الحقائق الكبيرة على الوعي الإنساني لا يمكن التغاضي عنه"! . كتب الشيخ الغزالي ذلك في مقدمة كتاب صدر له في أواخر الثمانينات من "القرن الماضي" ! وما زال ليلنا  طفلاٌ يحبو !!!

 منال 

نشر هذا المقال في الشرق بتاريخ 25 يناير 2012





No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!