Monday 30 January 2012

هل يصلنا الصوت و يقلق السجّان !؟



نشرت صحيفة الشرق في عدد السبت الماضي حواراً أجرته مع المناضل الفلسطيني مروان البرغوثي القابع في سجون الاحتلال منذ اعتقاله الأخير عام 2002 . هذا الاعتقال الذي اعتبره شاؤول موفاز - وزير الدفاع الإسرائيلي حينها- هدية الجيش للشعب قبيل ذكرى إعلان الدولة الإسرائيلية ، والذي علق عليه شارون بقوله " أنا آسف لإلقاء القبض على مروان البرغوثي حيّاً و كنت أفضل أن يكون رمادا ً في جرّة "! واكتفى الإسرائيليون بعد تلقي خبر اعتقال البرغوثي بالرقص في الشوارع !! 
لم أكن بحاجة إلى الكثير من التأمل في حوار البرغوثي مع "الشرق" حتى يطوّقني الرجل بأحلامه الفعلية  و لأستشعر همه الأوحد و البعيد عن شخصه المُعتَقل منذ عشر سنوات و المتعايش مع خمسة أحكام بالمؤبد أصدرتها في حقه المحكمة العسكرية في تل أبيب.  فالرجل الذي آمن بأوسلو قليلا ً ، ثم ما لبث أن كفر بها وقرر أن يقود الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام  2000 صاحب ذلك الوجه الفلسطيني المُحبّب و الصوت العربي المقرّب من ذاكرة النضال و روح التحرير ... لم يتحدث طويلا لـ"الشرق" عن عذابات سجنه الانفرادي ، و لم يأت ِ على ذكر تغييبه عن المراحل الأخيرة من صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل (صفقة شاليط) ، و ما اقترب من التشكيك في وحدة أهداف الفصائل الفلسطينية بقدر ما بعث الأمل في المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ، ورسم استراتيجيه للوحدة الوطنية ، و أبطل حجة المفاوضات مع الإسرائيليين  .
وبغض النظر عن جميع ما يُقال عن فتح وحماس و الفصائل الفلسطينية .. و بإشاحة الوجه عمن يرون الحديث عن القضية الفلسطينية و رموزها "كليشيه" ، فإن مروان البرغوثي بطل من قبل أن يعتقل لأول مرة و عمره لم يتجاوز الثامنة عشر و هو بطل الانتفاضة الفلسطينية الأولى  التي اعتقل على إثرها و أبعد بعد إطلاق سراحه إلى الأردن . و ظل ذلك الوطني الشهم حتى بعد عمله تحت ظل منظمة التحرير الفلسطينية و عودته إلى فلسطين حيث لم يتوان عن كشف ملفات الفساد في مؤسسات السلطة !
مروان البرغوثي ... الإلهام ، حصل على الدكتوراه أثناء اعتقاله الأخير و صدر له العام الماضي كتاب (ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي) يقول في جزء منه : " لا بد من استدعاء كل مقومات الصمود الذاتي وهي كثيرة ، كي لا يطمئن السجان إلى أن البئر مغلقة ، وأن الصوت صار صدى "
فهل يصلنا الصوت و يقلق السجان ؟

      منال

نشر هذا المقال في صحيفة الشرق بتاريخ 30 يناير 2012 

No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!