Thursday 16 February 2012

حق السمعة والكرامة



مع كل أزمة "محلية" تصاب فئة كبيرة وعريقة من الناس  "بمتلازمة" تسمى نسبية الأخلاق فتطرح عنها من المبادئ والقيم ما يعرّيها حتى يقف العقلاء من ذلك في ذهول !

يقول الرافعي في مقال له ضمن كتابه وحي القلم : لو أنني سُئلت أن أُجمّل فلسفة الدين الإسلامي كلها في لفظين ، لقلت "إنها ثبات الأخلاق" ، ولو سُئل أكبر فلاسفة الدنيا أن يوجز علاج الإنسانية كله في حرفين ، لما زاد على القول: "إنه ثبات الأخلاق".

إن الأخلاق لا تتجزأ يا سادة ، ولا يُستثنى منها شئ وفقاً للظروف والأحداث و استجابة لضغوط المجتمع. فباسم ماذا يُشرّع همز الناس ولمزهم و تسميتهم بأكره الأسماء إلى قلوبهم و معايرتهم بما ليس فيهم أو ربما حتى هو فيهم !؟ فهذا محامي "نص كُم" لأنه يدافع عن خصمك ، و ذاك زنديق لأنه طالب بالعفو والبر ، و هؤلاء جاميون وأولئك سروريون -لا أعلم حجة لهذين التصنيفين ولن أبحث عنها- حتى فُتن الناس بفكرة تأجير مساحات من عقولهم لمن يجيد التصنيف من النخبة ، فلا يهدأ لهم بال حتى يضع الواحد منهم كل شخص اختلف معه في خانة مُستأجرة من عقله !

في مثل هذه الحالة من الفوضى التي لم تعد فيها ثوابتنا الأخلاقية ضماناً لحفظ حقوق الناس "العاديين" ،  و لا تقف حائلا دون تعرضهم للقذف والتشهير والحكم على نواياهم ، أرى ما رآه الفرنسي هنري برجسون في فلسفته الأخلاقية وهو أن الامتثال للواجب الأخلاقي لا ينبع من الإرادة الحرة للأفراد ، و أنه لابد من توفر "سلطة المجتمع" من أجل احترام الواجب . سلطة المجتمع هنا بمعنى الثقافة، الدين ، القانون والتربية .

وبما أن ثقافتنا لم تتضح لها سمات بعد ! و أخلاقنا الإسلامية أصبحت نسبية ، و التربية هي التي أنتجت كل هذه الفوضى ! يبقى الأمر في نهايته بيد القانون ، فلابد إذن من توعية أفراد المجتمع بحق السمعة و الكرامة والذي يعتبر بند من بنود الإعلان العالمي الإسلامي لحقوق الإنسان . و تيسير الطرق القانونية الفعالة لكي يسترجع كل متضرر حقه المعنوي حتى ننأى بالمجتمع عن أي فتنة و نحمي هذا الوطن مما قد يجره إليه بعض الحمقى دون "وعي" منهم. 

منال 

نشر هذا المقال في صحيفة الشرق بتاريخ 16 فبراير 2012

No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!