Wednesday 18 April 2012

إلى العاطلين عن العمل و الحب


 لوحة يونيو الملتهب للبريطاني فريدريك لورد ليتون 
(و الخيط الرفيع بين الموت و الراحة)


من الصعب جدا على بعض النفوس المكوث لفترة  في محطة واحدة من محطات حياتهم . و من المحطات ما لا نرغب في اكتشافها لأننا نظن أنها خصصت للمرور العابر فقط .

يختلف المناسب فعله في وضع "الترانزيت" هذا بحسب نوعية رحلتنا السابقة ! فإذا كانت صعبة مليئة بالتحديات المؤذية للروح ، و انتهت بنا مهزومة أحلامنا ، فإن الرضوخ للانهزام  ولو لفترة وجيزة نعود خلالها إلى توازننا ونصقل فيها أحلام جديدة ، هو جزء مهم من عملية دفن عمق مؤلم في الروح يجب أن نعترف بوجوده . نحن بحاجة إلى الاستسلام قليلا للأحزان و اعطاءها حقها المشروع -إلى حد ما- من وعينا و قوتنا أو حتى ألمنا و انحدار دموعنا ، لنشعر بعد ذلك بلذة الانتصار عليها و نشوة التخفف منها .

اكتشفت دراسة حديثة في جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية أن الإنسان في حزنه يكون أكثر انتباهًا و فطنة لما يدور حوله ، و أكثر نجاحًا في ايصال أفكاره  و أقدر على صناعة القرار . كما يقول باحث الدراسة جو فورغاس : الحزانى أقل ارتكابًا للأخطاء ! كل هذه الأمور الإيجابية للحزن ، في حال الوعي بها ، ستنتقل بنا بصورة أسرع إلى محطة جميلة و جديدة من الحياة . 

من ناحية ثانية فإن الانتظار على (جانب) الحياة بعد رحلة ماتعة أو ناجحة ، فيه مشقة  على النفس . فبعد الإثمار يُتوقع الحصاد ، وعندما يتأخر الحصاد يبدأ القلق و قد يصل هذا القلق إلى يأس يذوي بمكتسبات الرحلة. هنا يجب علينا أن ندرك أن ثمار الرحلة الشهية بحوزتنا ، و مكتسباتها لا تحتاج إلى حصاد فهي ملك لنا الآن ، تشغيلها واستغلالها يبدأ من عندنا قبل أن يحدث من قِبل غيرنا . إن الهدوء بعد الصخب مرحلة مهمة لإحصاء مكتسبات الرحلة و اكتشاف تواءم (غير شبيهة) لها كانت بحوزتنا من قبل ، و تزاوج المعطيات بالمكتسبات يحتاج هذا الهدوء الجميل لينجح . فالمهندس الكيميائي قد يضيف قضية اجتماعية إلى قائمة أهدافه و يبرع في دعمها ، و صاحب القلب المترقب في قصة حب فقدت بريقها قد يصبح شاعرًا جميلًا ... و هكذا ...
الركون إلى واقع خذلنا ليس الهدف اطلاقا من هذا المقال ، إنما استغلال هذا (الركون) المؤقت و الخروج منه بأفضل النتائج هو القصد من وراءه ... ولعل الغرض يتم في قول الأمريكي الساخر ويل روجرز : حتى لو كنت في الطريق الصحيح فسيُقضى عليك (دهسًا) إذا أطلت الجلوس فيه !

منال

نشر هذا المقال في الشرق بتاريخ 17 ابريل 2012

No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!