Thursday 1 March 2012

ضحايا التعنيف ... "سوالف شوارع" !؟



عندما يتحول القضاء لأداة تعنيف ووسيلة ضغط على الضعفاء عند مطالبتهم بحقوقهم و انتفاضهم على ما يقع عليهم من الظلم ، فإن التعنيف والظلم سيشملان حتما دائرة أوسع و أكبر من الأشخاص عندها يفلت العدل و تصعب السيطرة على الاضطهاد.

خرجت سلمى 36 سنه من منزل والدها في أبها لتأخذ ابنها ناصر 17 عام من طليقها في المدينة المنورة ، فرفع عليها والدها بالتواطؤ مع طليقها قضية تغيّب عن المنزل ، و كان نصيبها الحكم بالسجن لأربعة أشهر و الجلد تسعون جلدة. لم يتواجد مع سلمى أي محام ولم يسمح لها باستئناف الحكم و عند اعتراضها عليه هددها القاضي بمضاعفته . نَفّذ حكم الجلد على سلمى مجموعة من الرجال، وبعد انتهاء المحكومية رفض أهلها استلامها من السجن فامتد مكوثها فيه لشهريين إضافيين حتى استلمها أخوها الغير شقيق فخرجت لتجد ابنها سجين أحداث المدينة المنورة بتهمة طعن شخص عايره بسجن والدته !  
(العنف يولد العنف) هذا الشاهد من حديث سلمى –أم ناصر- في برنامج الثانية مع داوود الشريان والذي أذيع الاثنين الماضي مباشرة على الهواء . الشريان استضاف ثلاث معنفات سعوديات يشتكين جور الأهل و تكالب القضاء و الشؤون الاجتماعية ، ومعاملة الثلاث جهات لهن كجانيات و هن الضحايا !
استضاف داوود الشريان في نفس الحلقة مسؤولاً في القضاء بدأ حديثه - مازحًا - بالمطالبة بمكافأة مالية مقابل ظهوره في البرنامج ! ثم مضى يقول أن "الهدف من الجلد ليس الإيذاء الجسدي إطلاقا". وعندما أبدى له الشريان استنكاره بأن يقوم الرجال بجلد امرأة، برر هذا بقوله : المرأة ضعيفة و لا يمكنها أن تباشر إقامة الحدود !. إذا كان الهدف من الجلد بعيدًا عن الإيذاء الجسدي فكيف يكون ذلك بالله تبريرًا منطقيًا من حضرة القاضي ؟! 

و السؤال الأهم من ذلك الآن هو لماذا يتم التعامل مع قضايا اجتماعية و خلافات عائلية كهذه باعتبارها قضايا جنائية يُحكم فيها بإقامة الحد والسجن و تتعرض فيها الحلقة الأضعف وهي المرأة للتعنيف تحت مظلة رسمية بغرض مستتر وهو إخماد همّة المرأة أو تأديبها بسبب خروجها عن ولي أمر ظالم ! ثم عندما تصل قضيتها للإعلام لا تجد من يتعامل مع شكواها بجدية على اعتبار أن ما تقوله "سوالف من الشارع" كما عبّر بذلك المسؤول القضائي على الهواء مباشرة !
 إن من أولويات سلطة المجتمع و الممثلة هنا بالقانون حماية الضعيف و محاوطة حقه و ليس بعثرته و تشتيت أهدافه و الانتقام من شجاعته في الحق ، أو كما عبر عن ذلك الدكتور عمر المديفر في اللقاء بقوله : الضعيف يُنصَف بحَاجتِه وليس بحُجّته.

منال 

نشر هذا المقال في موقع صحيفة الشرق بتاريخ 28 فبراير 2012

No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!