Wednesday 7 March 2012

طبول الحرب تُدق في (أيباك) !؟



في خطابه الذي ألقاه أمس الأول أمام المؤتمر السنوي  للجنة العلاقات الخارجية الامريكية الاسرائيلية (أيباك) ، شدد نتنياهو على كون اسرائيل هي "سيدة مصيرها" وأنها دولة قادرة وحدها على حماية نفسها من أي خطر . وطبعًا الخطر الوحيد الذي قصده نتنياهو هو التهديد الإيراني على كيان اسرائيل " الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ، حامية حقوق الأقليات و كافلة جميع الحريات " كما زعم أمام الحضور الذين قدر عددهم بحوالي 13 ألف شخص ، بينهم ثلثي أعضاء الكونجرس الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي و مسئولون عسكريون وطلاب من مختلف الجامعات الأمريكية وشخصيات دينية وسياسية تمول الأيباك بما لا يقل عن 3600 دولار سنويًا كشرط لحضور فعاليات هذه اللجنة الصهيونية.

استمر خطاب نتنياهو حوالي ثمانية وعشرين دقيقة كان حظ إيران الأسود منها ثماني عشرة دقيقة! غير أن ذلك لا يثير الاستغراب كثيرا إذا علمنا أن أهم خمسة مواضيع تتصدر أجندة  أيباك الرسمية و المعلنة في موقعها الرسمي هي تلك التي تتعلق :بإيران ، سوريا ، حزب الله ، حماس و مصر.  و بما أن  نتنياهو على حد تعبيره في المؤتمر يعتبر حزب الله وحماس "وكلاء حصريين لجمهورية إيران الإسلامية في الشرق الأوسط"  فلا غرابة إذن أن تكون إيران هي الشأن الأهم لإسرائيل اليوم وكل يوم.

إن ما يسميه بعض المحللين السياسيين في أمريكا "هستيريا إيران" هو أمر معتاد يزداد زخمًا كلما اقترب الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، فإسرائيل تستخدم إيران كورقة تكسب بها تعاطف أوباما بلعب دور الضحية في المنطقة ، و اوباما يستغل ذلك الرضوخ الضمني لإسرائيل و إرخاء الكتف لها وسماع عويلها السنوي في زيادة قبوله و تذكية جاذبيته لكسب أصوات اللوبي الصهيوني. لكن الجديد هذه المرة أن نتنياهو أكد مرارا و تكرارا ضمنا وعلانية في مؤتمر أيباك أن حماية مصالح اسرائيل وشعبها يقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية "وحدها" ، وأن باستطاعته اتخاذ أي قرار يضمن ذلك و لو لم تظهرنتيجته في صالح اسرائيل والمجتمع الدولي على المدى القريب . مبطلًا جميع الشكوك التي يرددها العقلاء في أمريكا والتي تقلل من قدرة إيران النووية و نواياها العدوانية تجاه اسرائيل بقوله : القادة المسؤولين لا يراهنون بأمن بلدهم و سياسة الاحتواء ليست خيارًا مطروحًا لدينا عند التعامل مع إيران. المضحك في الأمر أن نتنياهو حاول احراج أمريكا ببكائية تشبه كثيرًا بكائيات إيران نفسها حين وقف في المؤتمر و و رفع للحضور رسالتين تم تبادلهما عام 1944 بين الكونجرس اليهودي العالمي و وزارة الحرب الأمريكية آنذاك ، الرسالة الأولى تحوي طلب اليهود من أمريكا استهداف معسكر "أوشفيتز" في بولندا والذي كان يسوق إليه هتلر اليهود ويرتكب في حقهم المجازر. والرسالة الثانية فيها رد وزارة الحرب الأمريكية و الذي جاء متأخرًا خمسة أيام رافضًا أي تدخل عسكري لأمريكا خوفًا من أن يجر ذلك ألمانيا إلى الانتقام منها بصورة أفظع مما حدث في الهولوكوست اليهودي.
هذا "الكوبليه" الأخير الذي أنشده نتنياهو أثار استعطاف الأغبياء و قرف الأذكياء . وتهديد نتنياهو الضمني لأمريكا بأن قرار ضربة عسكرية لإيران هو بيد اسرائيل وحدها يبدو تهديدًا أجوفًا و مسرحية بلهاء ، حيث إن قرارًا كهذا دون ضوء أخضر من أمريكا التي تشكل ملياراتها السنوية الثلاث الداعم العسكري الأهم لدولة اسرائيل هو قرار مستحيل . ولنتذكر أن اسرائيل نفسها لم تستطع الرد على هجوم صدام عليها بصواريخ سكود عام 1991 وذلك رضوخًا لأوامر أمريكا وإكرامًا لرغبتها في عدم اتساع المواجهات و إبعاد اسرائيل عن المشهد.

أمريكا بالتأكيد لا تريد لإيران امتلاك سلاح نووي ، في حين أن إسرائيل لا تريد لإيران الوصول إلى  مرحلة "القدرة" على امتلاكه ، لذلك فإن ضربة عسكرية اسرائيلية لإيران لن تحدث دون مباركة أمريكية ، هذه المباركة لا تبدو بعيدة جدًا خاصة بعد أن بدأت طبول الحرب تدق علنًا في الأيباك !

منال 

نشر هذا المقال في الشرق السعودية بتاريخ 7-مارس-2012

No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!