Saturday 3 March 2012

خمسة أساطير حول فلاديمير بوتين



تقرير : أندرو ويس - مدير مركز دراسات روسيا وأوراسيا

أثار رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين حفيظة الكثير من الروس والأجانب على حد سواء عندما أعلن في سبتمبر ايلول انه يريد تبديل الأماكن مع  الرئيس الروسي الحالي ديمتري ميدفيديف (يظهر خلفه في الصورة). حيث أعلن أنه في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية فسيعين ميدفيديف رئيسا للوزراء في حكومته . وبالرغم من أنه من المتوقع أن يفوز بوتين بالرئاسة في الانتخابات التي ستجري غدا الأحد ، غير أن الصورة التي استمرت  لأكثر من عقد من الزمن صوّر فيها بوتين نفسه بالرجل القوي الذي أنقذ روسيا من الفوضى ، هذه الصورة اهتزت و تضاءلت شعبية بوتين  كثيرا حين نزل الروس إلى الشوارع  قبيل الانتخابات الحالية في أضخم مظاهرات مناهضة للحكومة منذ أوائل  التسعينات.
في الوقت الذي يصوّت فيه الروس في انتخاباتهم الرئاسية ، دعونا نفصل الرجل (بوتين) عن خمس أساطير وخرافات أحاطت به :

1. انتصار بوتين المتوقع في الانتخابات الرئيسية يمكن أن يجعله رئيسا مدى الحياة :
حكم بوتين روسيا خلال فترة رئاسته للوزراء كقيصر ، حيث منع الانتخابات المباشرة لرؤساء الأقاليم و همّش المعارضة ، و حيّد القضاء و الإعلام وسيطر حزبه على مجلس الدوما (البرلمان الروسي) ، مع كل هذا غير أن بوتين أبطأ من النمو الاقتصادي و تضخمت في عهده البيروقراطية والفساد مما جعل الشعب يقول "لقد سئمنا" في مظاهرات حاشدة سبقت الانتخابات الحالية وحطمت صورة بوتين القيصر الذي لا يُقهر . ولتهدئة المتظاهرين أعلن الرئيس الروسي الحالي ميدفيديف ،عن حزب روسيا المتحدة وهو الحزب الحاكم الحالي والذي ينتمي إليه بوتين كذلك ، أعلن عن إصلاحات أبرزها الحد من الفساد والعودة إلى انتخاب حكام الأقاليم انتخابا مباشرا و تخفيف سيطرة رئيس الوزراء على البلد ، هذه التغييرات ستجبر بوتين على تغيير سياسته أو سترغمه على الخروج من السلطة خلال عامين أو أقل  بعد أن يضمن  خليفة له يمكن أن يساعده على الخروج بكرامة و يجنبه أي ملاحقة قضائية.

2.  بإمكان بوتين استخدام موارد روسيا من نفط وغاز كسلاح سياسي:
موارد روسيا الطبيعية جعلت من روسيا احد الدول الغنية و مورد مهم للطاقة في أوروبا . وقد استخدم بوتين سلاح النفط  خلال نزاعه التجاري مع أوكرانيا و جعل أوروبا الوسطى والشرقية تنتفض بردا بعد أن قطع امدادات النفط عنهما عام 2006  ولكن الإقتصاد الروسي خسر كثيرا حينها وكان نتيجة ذلك الرهينة الأولى . في عام 2011 ، بلغت العائدات من النفط والغاز حوالي نصف الميزانية الاتحادية لروسيا ، و المواد الخام تشكل أكثر من 85 % من الصادرات ، كما أن الصناعات المحلية الآن لا تستطيع منافسة عوائد النفط والغاز التي تعتمد عليها الحكومة كثيرا في الإنفاق العسكري و الإصلاحات . لذلك فسلاح النفط سيجعل من روسيا الخاسر الأكبر و من المستبعد أن يكون ورقة رابحة في يد بوتين . 

3. بوتين يرغب في اعادة الإتحاد السوفيتي:
تصريحات بوتين بأن انهيار الإتحاد السوفيتي كان أكبر كارثة جيوسياسية في القرن ، و مخططه الضبابي حول  إتحاد اوروبي آسيوي (أوراسيا) يضم جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق ، وإعلان قيام اتحاد جمركي مع كازاخستان وروسيا البيضاء . كل هذا أثار مخاوف حول أطماعه في الدول المجاورة لروسيا.   غير أن تلك الأحلام لو تحققت فإن روسيا ستواجه كابوس متمثل في تدفق طوفان العمال المهاجرين من الدول المجاورة لها ، و التزامها بعد ذلك بدعم الوضع الإقتصادي السئ لتلك الدول. و لقد قال بوتين من قبل :"من لا يشتاق للإتحاد السوفيتي ليس له قلب و من يرغب باسترجاعه ليس له عقل" !

4. إن انتصارا حاسما لبوتين بإمكانه سحق المعارضة :
من المحتمل أن يفوز بوتين في الانتخابات الرئاسية غدا الأحد حيث أنه يتمتع بدعم كبير في المدن الصغيرة والريف وفيهما  يقيم ثلثي الناخبين الروس. غير أن استطلاعا لمركز ليفادا للأبحاث أظهر أن 35 % من الناخبين لا يؤيدون بوتين . هؤلاء أغلبهم من الطبقة الأكثر ثراء في المناطق المتحضرة و المطلعة ، و بالرغم من استفادة هؤلاء من حكم بوتين غير أنهم سيعتبرون فوزا ساحقا لبوتين بمثابة احتيال في الانتخابات و يتزامن كل هذا مع المظاهرات التي تنوي تنظيمها المعارضة الأسبوع القادم و تحذيرات بوتين من أن المعارضة تخطط لقتل أحد أفرادها  لتشويه سمعة بوتين والحكومة ، و لذلك فإن المرحلة القادمة تعد بمواجهات جديدة .

5.عداء بوتين للولايات المتحدة الأمريكية سيقوض جهود أمريكا في تحسين علاقاتها بروسيا :
بناء علاقة ايجابية مع بوتين الذي يكبر الرئيس الأمريكي أوباما بعشرة سنوات ويصرح دوما بعدم استخدامه للهاتف الجوال والانترنت ! لن يكون بالأمر السهل في ظل موقف روسيا من سوريا وإيران و مزاعم روسيا بتدخل أمريكا في سياستها . غير أن بوتين قد أظهر قدرته على التعامل بصورة عملية عندما يتعلق الأمر بمصالح روسيا ، يشهد بذلك دعمه للولايات المتحدة بعد هجمات سبتمبر الإرهابية عام 2011، وتصويت روسيا في مجلس الأمم المتحدة لصالح تشديد العقوبات على إيران في العامين 2009 و2010 ، وتوقيع أمريكا وروسيا على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في العام 2010 ، وإنشاء ممرات إمدادات للقوات الأمريكية في افغانستان عبر روسيا . و يظل هناك الكثير من القضايا الهامة على جدول الأعمال المشتركة بين البلدين مثل : اتفاقيات الحد من الإنتشار النووي ، و الحد من الإرهاب ، بالإضافة إلى الوضع الخطير في باكستان ، وقائد محنك مثل بوتين يدرك بالتأكيد أهمية أمريكا كشريك رئيسي . 

ترجمة : منال  

المقال الأصلي نشر في الواشنطن بوست بتاريخ 2-مارس-2012


No comments:

Post a Comment

Read & Share , but after posting a comment!